الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
(6) ذكر لوقا في [22: 43] أن المسيح بعدما وصل وتلامذته الي جبل الزيتون واشتد عليه الحزن والضيق حتى أن عرقه صار يتصبب كقطرات دم نازلة (ظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يقويه!).ونحن نسأل:كيف يحتاج ابن الله المتحد مع الله إلى ملاك من السماء ليقويه؟ألستم تزعمون ان للمسيح طبيعة لاهوتية؟فهل هذا الملك أقوى من الله؟!!ومن المعلوم أن الملاك مخلوق وانتم تدعون أن المسيح خالق فكيف يقوي المخلوق خالقه؟أين كان لاهوت المسيح؟!أما كان الاولى به أن يظهر طبيعته اللاهوتية المزعومة بدلًا من أن يكتئب ويحزن ويشتد عليه الضيق والخوف ويظهر بمظهر الجبناء؟!!أم ان الأمر ليس ألوهية ولا أقنومية وأن المسيح هو رسول من رسل الله يحتاج إلى المعونة والمدد من الله؟(7) يحدثنا متى في [14: 15] عن معجزة إشباع الآلاف من الجياع بخمسة أرغفة وسمكتين فيقول: «وَأَمَرَ الْجُمُوعَ أَنْ يَجْلِسُوا عَلَى الْعُشْبِ. ثُمَّ أَخَذَ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَبَارَكَ وَكَسَّرَ الأَرْغِفَةَ، وَأَعْطَاهَا لِلتَّلاَمِيذِ، فَوَزَّعُوهَا عَلَى الْجُمُوعِ.فَأَكَلَ الْجَمِيعُ وَشَبِعُوا».لقد قام المسيح برفع نظره نحو السماء قبل أن يقوم بالمعجزة وقبل أن يبارك، ويحق لنا أن نتساءل:لماذا رفع المسيح نظره إلى السماء؟ ولمن يتجه ويطلب إذا كان الآب متحدًا به؟! أم أن المسألة واضحة وهي أنه كان يدعو خالق السموات والأرض ليمنحه القوة على تحقيق المعجزة؟وقد تكرر منه هذا الفعل حينما أحيا لعازر، فإنه ورد بإنجيل يوحنا [11: 41] عنه الأتي: (وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ، أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ دَوْمًا تَسْمَعُ لِي. وَلكِنِّي قُلْتُ هَذَا لأَجْلِ الْجَمْعِ الْوَاقِفِ حَوْلِي لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي».إن قيام المسيح بأن رفع نظره نحو السماء هو فعل منافي للألوهية لأن هذا الفعل يأتيه الإنسان عادة عندما يطلب الإمداد السماوي من الله وهذا لا يتفق مع كون المسيح صورة الله وان الآب حال فيه كما يزعم المسيحيون.تأمل أيها القارئ الكريم إلي قول المسيح: «لأجل الجمع الواقف حولي ليؤمنوا أنك أرسلتني».فالهدف من عمل هذه المعجزة هي أن يعلم الجميع أن المسيح رسول الله وقد كانت الجموع حوله تنتظر هذه المعجزة وأن كل ما طلبه المسيح هو أن يشهدوا له بالرسالة فقط.(8) جاء في مرقس[13: 32] أن المسيح بعدما سئل عن موعد الساعة قال: «وَأَمَّا ذَلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْرِفُهُمَا أَحَدٌ، لاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ الاِبْنُ، إِلاَّ الآبُ».ونحن نسأل:إذا كان الابن هو الأقنوم الثاني من الثالوث حسبما يعتقد المسيحيون فكيف ينفي الابن عن نفسه العلم بموعد الساعة ويثبته للأب فقط؟! ولا يصح أن يقال أن هذا من جهة ناسوته لأن النفي جاء عن الابن مطلقًا واثبت العلم بالموعد للأب فقط. وان تخصيص العلم بموعد الساعة للأب فقط هو دليل على بطلان ألوهية الروح القدس. وأن لا مساواة بين الأقانيم المزعومة.(9) قال المسيح في يوحنا [1: 51]: «الحق أقول لكم من الآن سترون السماء مفتوحة وملائكة الله صاعدين نازلين على ابن الإنسان».ونحن نسأل:إذا كان المسيح يصرح بأن ملائكة الله سوف تنزل عليه من السماء بالأوامر الإلهية ولتأييده فأين هو إذن الإله خالق الملائكة الذي حل بالمسيح والمتحد معه؟!!(10) كتب لوقا في [3: 23] ما نصه: «ولما ابتدأ يسوع كان له نحو ثلاثين سنة».أيها القارئ الكريم:إن المسيح كما يذكر لوقا لما بدأ دعوته كان عمره ثلاثين سنة والسؤال الذي يطرح نفسه هو أنه إذا كان المسيح هو رب العالمين المتجسد فماذا كان يفعل الإله رب العالمين قبل تلك الفترة وطوال الثلاثين سنة؟! هل كان يتمشى في شوارع القدس؟!(11) كتب متى في [3: 13] ما نصه:«حينئذ جاء يسوع من الجليل إلى الأردن، إلى يوحنا ليعتمد منه، ولكن يوحنا منعه قائلًا: أنا محتاج أن أعتمد منك وأنت تأتي إلي؟ فأجاب يسوع وقال له اسمح الآن لأنه هكذا يليق بنا أن نكمل كل برٍّ، حينئذ سمح له. فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء، وإذا السماوات قد انفتحت له فرأى روح الله نازلا مثل حمامة وآتيا عليه وصوت من السماوات قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت».من البديهي أنه لو كان المسيح هو الله نفسه الذي تجسد ونزل لعالم الدنيا- كما يدعون- لكانت رسالته مبتدئة منذ ولادته، ولكان روح القدس ملازما له باعتباره جزء اللاهوت الذي لا يتجزأ- كما يدعون-، ولما احتاج إلى من ينزل عليه بالوحي أو الرسالة، ولم يكن هناك أي معنى أصلا لابتداء بعثته بهبوط روح القدس عليه وابتداء هبوط الملائكة صاعدين نازلين بالوحي والرسائل عندما بلغ الثلاثين من العمر واعتمد على يد يوحنا النبي! فهذا النص والنصوص الأخرى التي تبين كيفية بدء البعثة النبوية للمسيح، لأكبر وأوضح دليل- عند ذوي التجرد والإنصاف- على بشرية المسيح المحضة وعدم ألوهيته وأنه ليس الله المتجسد بل عبدٌ رسولٌ ونبيٌّ مبعوثٌ برسالة من الله كسائر الأنبياء والرسل وحسب.ولنقرأ ما كتبه لوقا في [3: 21] عن بدء بعثة المسيح بنزول روح القدس عليه:«ولما اعتمد جميع الشعب اعتمد يسوع أيضا وإذ كان يصلي انفتحت السماء ونزل عليه الروح القدس بهيئة جسمية مثل حمامة وكان صوت من السماء قائلا: أنت ابني الحبيب بك سررت. وكان يسوع عند بدء رسالته في نحو الثلاثين من عمره... ورجع يسوع من الأردن وهو ممتلئ من الروح القدس».ونحن نسأل أصحاب التثليث: أليس هذا النص أوضح دليل على نفي ألوهية المسيح ونفي التثليث؟فأولًا: لو كان المسيح إلها متجسدا لما احتاج لروح القدس ليهبط عليه!ثانيًا: لو كان التثليث حقا لكان المسيح متحدا دائما وأزلا مع روح القدس، لأن الثلاثة واحد فما احتاج أن يهبط عليه كحمامة!وكيف ينادي الله عند اعتماد المسيح وابتداء بعثته قائلًا: «هذا ابني الحبيب»، مع انه من المفروض أن اللاهوت متحد به من البداية ولأن الله لا يمكن أن تنفصل عنه إحدى صفاته.ثالثًا: أليس ما كتبه متى ولوقا يبطل زعمكم أن الثلاثة واحد فالروح القدس منفصل عن الذات وهو نازل بين السماء والأرض والابن صاعد من الماء!أليس هذا دليلا على أن الوحدة المزعومة بين الأقانيم لا وجود لها؟!.وبعد هذا نسأل:هل المسيح وحده الذي امتلأ من الروح القدس كما كتب لوقا أم شاركه آخرون مما تنقض معه الخصوصية؟الجواب: هناك آخرون امتلئوا من الروح القدس وهم كثيرون طبقًا للآتي:ورد بسفر أعمال الرسل [6: 5] عن استفانوس ما نصه: «فاختاروا استفانوس رجلًا مملوءًا من الإيمان والروح القدس».وورد في إنجيل لوقا [1: 5] عن يوحنا المعمدان ما نصه: «ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس».وكذلك امتلأ زكريا والد يوحنا المعمدان من الروح القدس طبقًا لما ذكره لوقا في الإصحاح الثامن وغيرهم مما لا يسع المقام لذكرهم.(12) جاء في إنجيل متى [4: 6] أن الشيطان بعدما أخذ المسيح إلي المدينة المقدسة وأوقفه على حافة سطح الهيكل قال له: (إن كنت ابن الله فاطرح نفسك إلي أسفل لأنه قد كتب: يُوْصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ، فَيَحْمِلُونَكَ عَلَى أَيْدِيهِمْ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ قَدَمَكَ بِحَجَرٍ!).في هذا النص إقرار من المسيح للشيطان بأنه قد كتب عنه في العهد القديم أن الله يوصي ملائكته به ليحملونه ويحفظونه ونجد أن هذا ثابت بالمزمور الواحد والتسعين. والسؤال الآن هو:إذا كان المسيح هو رب العالمين وأن الأب متحد معه وحال فيه فكيف يوصي الله ملائكته به لكي يحفظونه.فهل رب العالمين الذي ظهر في الجسد بحاجة إلي ملائكة تكون حفظًا وحماية له؟!!أليس هذا دليل من الأدلة الدالة على فساد معتقد المسيحيين في ألوهية المسيح ابن مريم عليه السلام؟(13) جاء في أنجيل مرقس [1: 12]: أن المسيح تم أربعين يومًا يجرب من الشيطان يقول النص:«وَفِي الْحَالِ اقْتَادَ الرُّوحُ يَسُوعَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، فَقَضَى فِيهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَالشَّيْطَانُ يُجَرِّبُهُ. وَكَانَ بَيْنَ الْوُحُوشِ وَمَلاَئِكَةٌ تَخْدُمُهُ».ونحن نقول:إذا كان المسيح هو رب العالمين حسبما يعتقد المسيحيون فهل يعقل أو يتصور أن الشيطان الرجيم تسلط على رب العالمين طوال أربعين يومًا؟!!وقد يقول المسيحيون حسبما يعتقدون في لاهوت وناسوت المسيح بإن الشيطان جربه كإنسان ولم يجربه كإله.فنقول أن النص الوارد في متى [4: 3] يثبت حسب اعتقادكم أن الشيطان جربه كإله، يقول النص: (فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْمُجَرِّبُ وَقَالَ لَهُ: إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ، فَقُلْ لِهَذِهِ الْحِجَارَةِ أَنْ تَتَحَوَّلَ إِلَى خُبْزٍ!) ولم يقل له ان كنت ابن الإنسان!ونقول أيضًا لو إن إبليس كان يقصد ناسوت المسيح فقط لخاطب نصفه ولم يخاطبه كله كما جاء في رواية متى.وقد كتب متى في [4: 8]: ان إبليس أخذ المسيح إلي قمة جبل عال جدًا، وأراه جميع ممالك العالم، وقال له: (أعطيك هذه كلها إن جثوت وسجدت لي!).ونحن نسأل:كيف يطمع إبليس في أن يسجد له وأن يخضع له من فيه روح اللاهوت...؟!ومن العجب أن الشيطان لا يبقى ويثبت مع وجود الملك، فكيف يطمع ويثبت فيمن يعتقد ربوبيته وأنه صورة الله؟ألا يستحي المسيحيون وهم يقرأون هذا الكلام!! ألا يستحون وهم يعتقدون ان من فيه اللاهوت والربوبية قد صحبه إبليس، وعرض عليه السجود له مقابل أن يملكه الدنيا!(14) وقد كتب متى في الإصحاح الأول ابتداء من الفقرة الأولى حول تجربة إبليس للمسيح أن إبليس كان يقود المسيح إلي حيث شاء فينقاد له. فتارة يقوده إلي المدينة المقدسة ويوقفه على جناح الهيكل وتارة يأخذه إلي جبل عال جدًا... ونحن نسأل كيف يمكن لعاقل بعد هذا الكلام أن يقول أن رب العالمين كان في جسد المسيح وكان هذا الجسد بهذه حاله مع إبليس.؟!!لقد حكمتم يا نصارى بإيمانكم هذا بأن الإله الخالق الحال في الجسد قد سحبه الشيطان، وردده وجرت عليه أحكامه!(15) كتب متى في [12: 14] ومرقس في [3: 6] أن الفريسيين تشاوروا على المسيح لكي يقتلوه، فلما علم يسوع انصرف من مكانه... وكتب يوحنا في[11: 53]: أن اليهود لما قرروا قتل المسيح فمن ذلك اليوم لم يعد المسيح يتجول بينهم جهارًا، بل ذهب إلى مدينة اسمها أفرايم.
|